الخصائص السريرية:: تحليل شامل
ملخص:
اضطراب الشخصية الهستيرية (Histrionic Personality Disorder – HPD) هو اضطراب نفسي يتميز بأنماط مستمرة من السلوك الانفعالي المبالغ فيه والسعي المستمر لجذب الانتباه. يتضمن هذا الاضطراب حاجة مفرطة إلى تأييد الآخرين، وميولًا نحو السلوك التمثيلي، مما قد يؤثر على الأداء الاجتماعي والمهني للفرد. يتم تصنيفه ضمن اضطرابات الشخصية من الفئة B في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، والتي تشمل أيضًا اضطراب الشخصية النرجسية والحدية والمضادة للمجتمع.
يتصف الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الهستيرية بسمات تشمل:
السعي المستمر لجذب الانتباه من خلال السلوكيات الدرامية أو الاستفزازية.
تفاعل عاطفي مفرط وغير مستقر، مع تعبيرات عاطفية سطحية ومبالغ فيها.
سهولة التأثر بالآخرين وبالمواقف، مما يجعلهم عرضة للتلاعب العاطفي.
الحاجة الملحة للتأييد والتصديق من الآخرين، ما يجعلهم يعتمدون على رأي الآخرين في تقدير الذات.
الاهتمام الشديد بالمظهر الجسدي ومحاولة استغلاله لجذب الانتباه.
الانتشار والاختلافات الثقافية:
تشير الأبحاث إلى أن انتشار هذا الاضطراب يتراوح بين 1-3% في السكان العامين، وهو أكثر شيوعًا بين النساء منه بين الرجال، على الرغم من أن هذا الاختلاف قد يعكس عوامل ثقافية واجتماعية أكثر من كونه حقيقة بيولوجية
CLINMED JOURNALS
. علاوة على ذلك، يؤثر السياق الثقافي بشكل كبير على كيفية ظهور الأعراض، حيث قد يكون السلوك التمثيلي أو السعي لجذب الانتباه مقبولًا أو مرفوضًا حسب المعايير الثقافية السائدة.
الأسباب والعوامل المساهمة:
تظهر الأبحاث أن اضطراب الشخصية الهستيرية ينتج عن تفاعل معقد بين العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية. تشمل العوامل المحتملة:
العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي من اضطرابات الشخصية أو المزاج قد يزيد من احتمالية الإصابة.
البيئة الأسرية: قد يسهم عدم الاستقرار في الطفولة أو الإفراط في التعزيز الإيجابي للسلوكيات الجذابة في تطور هذا الاضطراب.
العوامل النفسية: تشمل تدني الثقة بالنفس والحاجة المستمرة إلى تأييد الآخرين لضمان تقدير الذات.
التشخيص:
يُعتمد التشخيص على المعايير السريرية في DSM-5، والتي تتطلب وجود نمط دائم من السلوكيات المرتبطة بالسعي لجذب الانتباه والانفعالات السطحية عبر مختلف السياقات. وللتشخيص، يجب أن يكون لهذه السلوكيات تأثير سلبي على الأداء الاجتماعي أو المهني للفرد.
العلاج:
يعتبر العلاج النفسي الأسلوب الرئيسي في معالجة اضطراب الشخصية الهستيرية. يشمل ذلك:
العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يساعد المرضى على تعديل أنماط التفكير والسلوكيات غير الصحية، والبحث عن طرق بديلة لتحقيق التقدير الذاتي دون اللجوء إلى السلوكيات التمثيلية.
العلاج الديناميكي النفسي: يركز على فهم الدوافع اللاواعية التي تقف وراء السلوكيات الدرامية والتمثيلية.
العلاج الجماعي: يمكن أن يكون فعالًا في مساعدة المرضى على التعرف على التأثير السلبي لسلوكياتهم في العلاقات الشخصية، وتطوير أساليب تواصل أكثر صحة.
الخاتمة:
اضطراب الشخصية الهستيرية هو حالة معقدة تتطلب علاجًا متكاملًا يشمل العلاج النفسي والدعم الاجتماعي. يمكن للعلاج المبكر تحسين النتائج بشكل كبير وتقليل تأثير الاضطراب على الأداء اليومي والعلاقات الاجتماعية. يظل البحث المستمر ضروريًا لفهم أفضل للعوامل المسببة وتطوير استراتيجيات علاجية أكثر فعالية.